القائمة الرئيسية

الصفحات







مقامة بعنوان : المقامة الكتابية 



    (حدّثنا أبو كتاب الورقيّ قال : كنت في بلاد العُرب ، أعتَلي كرسي الإمامة وأعلى الرتب ، كنت فيهم السيدا ، وليسوا لي أَمَةً او عبْدا ،  فمن فَيْضي ينهلون ، ومن مَعيني يشربون ، حتى يشبعون ولا يرتوون .
نزلتُ عليهم غمامة ، وللسلام حمامة ، ولِعَيْنهم زرقاءَ يمامة ، حكموا الأرض ، وحفظوا العِرض ، فكانوا لشرفهم صائنين ، ولأرحامهم واصلين ، وعن الفواحش مُعْرضين ....
إلى أن حلّت بهم السوسة ؛ فنخرت عقولهم كالدودة ، قلّدوا العلوجَ الإفرنج ، إلى أن اضحت عقولهم نخِرة كالإسفنج  ، منبهرين بالرجل الغرْبي ، متنكرين لأصلهم العربي...
فضربوا بي عرض الحائط ، ناسين فضلي ومعروفي عليهم فائض ، رمَوْني بأقبح النعوت ، ونعتوني بالجَدْب والجحود ، فمرة قالوا هو عقيم، ومرة ردّدوا :
-  مسكين هو؛ أصابه السّديم .
فشهّروا في وجهي سلاح العولمة ، واستسلموا لعيشة القوْقعة ، تنفخ الريح أوْصالها ، ولا تدري ما أصابها ، وهُم في ظلامهم يتخبّطون ، ولِعِلَلِهم لا يفْقهون ، وفي ضَلالهم يعْمَهون ، ولا يُبصرون ، حاملين الهواتف النقالة ، يقولون :
- إن لها لَحلاوة وإن عليها لَطَلاوة 
  وعلى رؤوسهم مِظلة الغَشاوة .
فارتأيتُ لي مسكنا ، وآثرْتُه مقبرة ، فحفرت بنَصْلي لَحْدي ، وآوَيتُه وحدي ، فخيطت ثوب كفني ،وأقمت مراسم دفني،  مُوثِرا الوحشة ، على أن تقتلني الوحدة ، بين تلك السموم ، وفي بحر الهموم ، وما نُشرت لأجلي الشّعور ، ولا شُقّت له الصدور ، ولا لُطِّمت لفراقي  الخدود ، وتَركتُ القوم في دار الغَفْلة ، يحيون حياة الدَّفْلة ، وينبتون مَنبِت خضراء الدِّمْنة .)
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق
  1. 😍😍😍قصص جميييلة جدا أستاذتي 🌸

    ردحذف
  2. ونعم المدونة أستاذتي...ونعم المحتوى...ونعم الأسلوب والكلمات والمعنى

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع