القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة قصيرة بعنوان :
الشارع المظلم


توقف المطر فجأة ، ودبّت الحركة مرة أخرى بين جنبات المقهى ... وعلى جانب من الرصيف المجاور يجلس الطفل الأسمر وقد تكوّر جميع جسده داخل معطف قديم ، إلا بعض الخصلات من شعره الأسود الأشعث تتدلّى على جبهته ، تتساقط منها قطرات المطر فوق صندوق مسح الأحذية أمامه، تُحدِث لحنا نَشَازا وسط هدوء الشارع .
امتدت قدمٌ بحذاء أسود ضخم فوق الصندوق ، تحسّس الطفل الأسمر الحذاء بأصابعه السمراء تعلوها بقع داكنة بلون الرصيف ، ورأسه لا تزال داخل معطفه إلا من تلك الخصلات النّدِيّة .... اهتزت القدم في عنف من  بين يديه بقوة ، رمت بجسده وكأنه كرة من قماش بالية ألقت به جنب حائط المقهى ، وقد علا الصوت الأجش صارخا وسط الشارع :
- ماذا تفعل أيها الغبي !!؟؟
لقد لطخت جواربي البيضاء ..
تحرك الجسد الصغير المكور بألم من مكانه وتمدّدت أقدامه الحافية خارج المعطف ، ويداه النحيلتان تتحسسان الإسفلت البارد إلى أن  لمستا الحائط ، فضمه إليه  بجميع جسمه كأن يعانقه ،
يلثمه ، ويتحسسه  ... ارتطمت قدمه بعصا فانحنى و أخذها بيده اليمنى يضمها إليه ، حركها قليلا ، يمنة ويسرة ، بغثة ، سار نحو مكان الصندوق ، جلس إليه ، وكور جسده داخل معطفه ، وخصلات شعره الأشعث تلمع وقد أضحى لونها ذهبيا ، بعد أن تسللت  خيوط شمس الصباح من بين الغيوم المكفهرة .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

4 تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

التنقل السريع