المقامة المُخيْخِيّة
حدّثنا مُخيخ المغربي بن دماغ المشرقي قال :
طال بي المقام ، في بلاد جدرانها من عظام ، أسكن قوقعة ، وإن سمعتم عني جعجعة فلا أجدي نفعا ، ولا أثير نقعا ، إلى أن وجدتني يوما وقد أحاطت بي العناكب شباكها ، وأوقعتني في البَلادَة وسهامها ، أسيرا للتبعية وأتباعها ، لا أبدع فكرة ولا أنتج حرفة ولا أكتب كلمة ، لقد فقدت سر الابداع و موهبة الابتكار والامتاع ...فمالت عني إلى بلاد الصين الرؤوسُ، واستكانت إلى اختراعاتها النفوس ، فاتخذت لي مقعد المتفرّج ، يثيرني كل تافه أو مُهرّج ، تراقصني تفاهاته و تطربني شطحاته ....وقضيت دهرا ، وانا على هذه الحال ، أجر أذيال الهزيمة ، واجترّ بطولات الرذيلة ، أحارب طواحين الهواء ، بأشعار الحكمة والهوى ....
وها أنذا ..والسبل في وجهي أغلقت ، و الدنيا عني أدبرت وما أقبلت ...قررت اليوم ، أن أغير سياستي وأغادر قوقعتي ، فارتميت في نهر المعرفة مغتسلا ، وحذاء العلم منتعلا ، خلعت عباءة البلادة ، وتخلّصت من رداء البلاهة ، فأنا مخيخ المغربي بن دماغ المشرقي ، مكتشف النجوم والأفلاك ، ومخترع الاسطرلاب ، وواضع أول خريطة طريق ، لاكتشافات كولوبوس وجاليلوس ، واضع الصفر 0 متمهّل في دورانه ، مكتشف الدورة الدموية والشبكة البصرية ، ناظم المعلقات وواضع المقامات ، طفت البلاد من العُدْوَتَيْن الى بلاد الشام و هدينا الإنسان النجدين ولا أرضى لي من الجنس الأصفر سلاطين ، ولا أقبل به لا من الهند ولا من الصين .
تعليقات
إرسال تعليق