💗 قطوف أدبية #1 💗 من حدائق التراث العربي
تستمتعون بفن أدبي عريق ؛ انه فن المقامة .....تقطفون جمال اللغة حين تدنو اليكم بكلام مرصع باللؤلؤ ، وبجميل اللفظ منسوجا بخيوط من حرير ،
تقطفون اللغة في أبهى حلتها وأزهى حللها ......
حين تلاعب لغة الضاد بأوتار قلبك وتعزف لحن العشق الأبدي ، وتراقص مشاعرك وأشواقك ، فتتشوق الى المزيد .
فمن هذا الزاد نستزيد ونستمتع بأولى القطوف :
تعريف بفن المقامة :
ادب المقامة هو فن ذاع صيته في حقبة مهمة من تاريخ أدبنا العربي وهو( فن المقامات ) ولكن يا هل ترى ما هي المعلومات المتوفرة لدينا عن هذا الفن ؟
المقامة هي حكاية تقال في مقام معين وتشتمل على الكثير من درر اللغة وفرائد الأدب، والحكم والأمثال والأشعار النادرة التي تدل على سعة إطلاع وعلو مقام على طريقة السجع . يعتبر فن المقامات موسيقى العرب الكلاسيكية. ويقترن هذا الفن بالغوص في عالم المقامات الشرقية، وفي سلالمها الساحرة، من خلال لحظات موسيقية يستخرج فيها الفنّان ثمار إبداعه، ملتزماً بأسلوب التخت أي الأداء المنفرد، مرتجلاً في ذروة انفعاله الشعوري والنغمي، باحثاً عن روح المقام، مثيراً في وجدان المستمع نشوة الطرب.
المقـامات فن أدبي قديم و عريق عند العرب , ظهر في القرن الرابع الهجري في العصـر العباسي عل يد ( بـديـع الزمـان الهمـذانـي )
المتوفى سنة 398 هـ , وكــان من أكبر أدباء عصره المبدعيــن .
و تـتـضمن المقـامة عادة قصـة طريقـة حول أحد المُكدين , وهم فئة المحتالين الأذكياء البلغاء الذين يبتزون أموال البسطاء من الناس بالحيلة و الفطنــة و الذكاء .
بطل المقامات الدائم عند الهمــذاني هو ( عيسى بن هشـــام ) , وشخصية ( الحارث بن همام) في مقامات الحريري ، وهي شخصيــة خيالية , بالإضافة إلى شخصيــات أخرى داخل المقامــة تؤدي أدواراً فيــها .
و أسلوب المقـامات يمتاز : بالسجـع الذي يسهل حفظها و يجعلك تعجب و تطرب لما فيها من إيقاع لفظي ظاهر من خلال السجع ....مثلا :
- ( اشتهيت لأزاد , و أنا ببـغداد )
- ( زارنا رجل من فلسطين , فجلس على الطين )
كما تشمل على غريب اللغة والألفاظ المعجمية ، و فنون البلاغة المختلفة من تشبيهات و كنايات و استعارات ، و خاصة الفنون البديعية كالطباق و الجناس و غيرها.
فللمقامات إذاً غاية تعليمية واضحة إذ يتعلم الناس منها و خاصة الطلاب غريب اللغة و السجع و فنون البلاغة بصورة تطبيقية سهلة و محببة .
و قد انتشرت كتابة المقامات بعد الهمذاني انتشارا واسعاً جداً و كان أشهر كتابها
بعده هو ( الحريري) ، المتوفى سنة 520 هـ ،
و غيره من الكتاب العرب في المشرق و المغرب و الأندلس و لم يعد موضوعها مقتصراً على المحتالين و إنما تعدته إلى كثير من المواضيـع و الأحداث الجادة أيضاً ، و ظل الكتاب معجبين بهذا الفن حتى مطلع القرن العشرين و مازال قليل منهم يكتب في فن المقامات على سبيل الطرفة.
ومن القليل الذين مازالوا معجبين بهذا الفن الأدبي و مازالوا يكتبون فيه كالشيخ الدكتور / عائض بن عبد الله القرني
فالشيخ قد تأثر بفن المقامات تأثراً كبيراً فبات أسلوباً مميزاً له في محاضراته و ندواته و في كتبه كذلك .
فن المقامات قديم من فنون الأدب ،و هي في أيامنا هذا كاد اسمها أن ينسى وذكرها أن يمحى ، حتى قيض الله لها من يبعثها من مرقدها ،و ها هي الآن تطل علينا في ثوب قشيب، البسها إياه عقل أريب ،فقارئ المقامات يفيد منها المتعة الفنية ،و السياحة البيانية، و الوعظ المؤثر في القلوب. فأنت مع هذه المقامات مقيم بجسمك ،مسافر بروحك، تنتقل من بلد إلى بلد و من فن إلى فن، إنها متعة و فائدة. كم هائل من المعرفة، و انهار متدفقة من العلم، و جداول رقراقة من الأدب و حدائق غناء من الشعر ، كل هذا ضمه هذا البستان ..والسلام عليكم ..والى لقاء آخر مع القطف .
المراجع :
1) د.عيسى الدودي ، أصول فن المقامات،مراكش،المغرب،2003)97. 2
تعليقات
إرسال تعليق